في كل الأفلام والمسلسلات اللي تعودنا نشوفها....
تصرخ الام الحامل بعدما يندفق ماء الرحم متفجرا ليبلل فخذيها والارضية تحتها
وتأتينا صورة الداية - أيام زمن الطيبين- و الخادمة تركض لتحمل قدرا يحتوي على ماء ساخن ومناشف نظيفة
ويحتار الأب في عمره وحياته ويذرع الغرفة مجيئا وذهابا... و يقضي على لفافات التبغ الواحدة تلو الاخرى
(بنفس المشهد بس بعدما تطورنا وصارت فيه مستشفيات وغرف ولادة و أروقة مستشفى نحط فيه كومبارس بيقول لنا جنس المولود لاحقا)
كلنا حضرنا هالموقف
عندما
تزغرد جدّة المولود فرحة
و صوت الداية او الممرضة اللي ولّدت هاك الأم تقول بصوت عالي: مبرووك... جالك ولد! او مبرووك جاتك بنت زي القمر...
وذلك بعد التحقق من هويته الجنسية بالإطلاع على أعضائه
التناسلية ( ولد أو بنت ) فإنها تعبّر عما عرفته البشرية منذ بدء الخليقة..
تحديد جنس المولود
اعتماداً على الأعضاء التناسلية ( قضيب أو مهبل ) ... لكن الدراسات الحديثة تخيب
آمال هذه الجدّة للأسف الشديد فهي تعزو للدماغ الدور الأساس في التحكم بمختلف
أنواع السلوك لأنه بالذات يحدّد فعالية الأعضاء التناسلية في القيام بدورها
التناسلي . موقع طرطوس
والسلوك الجنسي ( بالمعنى العام )
ينتج عن إحساس الرجل
العميق بكونه ذكراً
وإحساس المرأة بأنها أنثى ... أي إحساس الإنسان -بهويته الجنسية
ومن عناصر تكوين هذه الهوية ووجودها ما يسمى ( الخصائص الجنسية الثانوية ) وهي
عناصر جسمانية كالثديين والصوت واللحية ... ويرافق ذلك ( إنجذاب ) نحو أحد الجنسين
دون الآخر أو نحو الجنسين معاً ..
و ( سلوك عام ) يكون إذا منحى ذكري أو أنثوي ..
وهذان – الإنجذاب والسلوك – يشكلان ( الدور الجنسي ) الذي يقوم به الإنسان .
الشذوذ وعدم اتساق الأدوار :
تقاس درجة طبيعية أو شذوذ الميول الجنسية بناءً على
التطابق أو التناقض بين ( الهوية الجنسية ) و ( الدور الجنسي ) فإذا تطابقا فإن
الميول الجنسية تكون طبيعية بما يضمن القيام بالدور التناسلي المطلوب للحفاظ على
الجنس البشري وإذا تناقضا كانت الميول شاذة بمعنى أن يملك الإنسان هوية
جنسية معينة ويقوم بدور جنسي مختلف عنها ... فالرجل الذي يشعر في أعماق نفسه بأنه
أنثى ( تكون هويته الجنسية الحقيقية أنثوية والهوية الظاهرة ذكرية ) ينجذب نحو
الرجال . موقع طرطو
هذا الشذوذ يرد أحياناً إلى مرض عقلي .. وأحياناً إلى
عوامل تربوية .. أما فرويد فقد ردّه إلى عقدة أوديب وعقدة الخصاء ( كل بنت ينتابها
بأنه قد استئصل منها شيء ما .. وفي المقابل يخشى الصبي أن يقطع له ذلك الشيء ) أي
أن الهوية الجنسية تبقى محاطة بهالة من المخاوف .
موقع طرط
وفي الأسطورة الإغريقية أن الرجل والمرأة كانا ملتصقين
معاً في جسد واحد لكن الآلهة غضبت على هذا الكائن ( الخنثى ) ففصلته إلى نصفين (
ذكر وأنثى ) ووفق هذه الأسطورة تم تبرير علاقات العشق القوية التي تنتاب الإنسان
عند رؤيته للنصف الآخر الذي انفصل يوماً ما عنه ...
الطريف أن الآلهة ذاتها وقعت ببعض الأخطاء أثناء فصل
الجنسين فاقتطعت كائناً نصف بنصف ( ذكر أو أنثى ) أو ثلاثة أرباع لربع ( إما لجهة
غلبة الذكورة مع وجود أعضاء أنثوية أو العكس ) وهكذا ..
المهمّ أن تبرير الذكورة الناقصة أو الأنوثة الناقصة
موجودة في هذه القصة الأسطورية . أما علماء النفس فيشيرون إلى أن في أعماق كل ذكر
صورة ما لأنثة تسكنه وكذلك في أعماق كل أنثى صورة ما لذكر يسكنها .. لكنهم يميزون
بين هذا الوجود الغائر للجس الآخر داخلنا . وبين أولئك الذين تتسم أدوارهم في
الحياة بعدم الإتساق .
الدماغ الذكر والدماغ الأنثى :
الجديد في الأمر هو الإتجاه إلى إيجاد تفسير ( بيولوجي )
لهذه المتغيرات الجنسية بدلاً من التفسير ( السيكولوجي ) .
فالسلوك هو تلاحق حركي يصدر الدماغ أوامره إليه .. وهذه
( الأوامر ) ليست اعتباطية بل محكومة بدوافع خارجية تنتقل إلى الدماغ عبر الحواس
.. وبدوافع داخلية تنتج عن تغير في الوسط النفسي أو في إحدى الصور العقلية .
والآن ونتيجة للبحوث العلمية بات ثابتاً أن المباشرة
ببعض التصرفات تخضع لتأثير الهرمونات الجنسية ( التي تفرزها الغدة التناسلية ) على
الدماغ . لكن حساسية الدماغ تجاه هذا التأثير الهرموني تختلف لدى الذكر عنها لدى
الأنثى .. على سبيل المثال هرمون ( الأوستراديول ) الأنثوي يؤدي إلى أن دماغ
الذكر ودماغ الأنثى لا يتأثران بالطريقة نفسها إذ تعرضا للمحرض نفسه . مما يدفع
للإستنتاج بأن هناك فارقاً بين دماغين ( أنثى – ذكر ) تشير إلى تحديد جنسي في آلية
عمل واستجابة كل منهما ... وهذا بالضبط ما قاد العلماء إلى اعتبار الدماغ جزءاً لا
يتجزأ من الخصائص الجنسية – هذا إذا لم يكن أهمها – كاالرحم والبروستات .
لكن آخر اكتشاف في هذه الإختبارات كان في أن جنس الدماغ
قد لا يكون بالضرورة متفقاً أو متطابقاً مع الجنس الذي تحدده الأعضاء
التناسلية .
هذا يعني احتمال كون الإنسان ذكراً بالأعضاء التناسلية
لكن استجابة دماغه للهرمونات قد تكون مثل استجابة دماغ أنثوي أو العكس .
وفي اختبارات أجريت على جرزان تبين أن جنس الدماغ يتحدد
في الأيام القليلة الأولى للحياة الجينية ولا يزال النقاش مستمراً حول ما إذا كان
ما يصح على الحيوانات الثديية يصح على الإنسان من حيث تأثر نفسيته بالمرحلة التي
يتحدد فيها جنس الجنين .
وأثبتت التجارب الكثيرة أن الدرجات المختلفة ل ( التخنث
) لدى الرجال أو ( الإسترجال ) لدى النساء إنما تعود إلى نسبة إفراز بعض
الهرمونات الجنسية الخاصة بالتطور الجنسي . ولعل في هذا ما يلقي الأضواء العلمية
على ما يسمى ب ( الشذوذ) الجنسي لدى الجنسين ليس من أجل تبريره بل من أجل البحث عن
العلاج المناسب للذين تزعجهم مثل هذه الحالات خارج إطار العلاج النفسي .
